Saturday 28 January 2017

من لا يخاف من الموت فهو قادر على إسقاط الديكتاتور


 

 المحامي عبد المجيد محمد
اعتقلت السيدة مريم اكبري منفرد السجينة السياسية وأم لثلاثة أولاد في يناير عام 2009 بتهمة المشاركة في تظاهرات أهالي طهران وكذلك كون شقيقتها وأشقاءها من أعضاء مجاهدي خلق فحكم عليها بالسجن لمدة 15 عاما. تحملت هذه السجينة السياسية الصامدة شتى انواع الضغوطات الجسدية والنفسية من ذلك التاريخ إلى يومنا هذا بتهمة التعاطف مع عائلته المجاهدة حيث أكد القاضي الجلاد صلواتي لها في يوم من الأيام قائلا: «انت تتحملين العقوبة بسبب شقيقتك وأشقاءتك».
الا ان السيدة مريم اكبري لم تخف من هذه التهديدات والأقوال ولم تلتزم الصمت ولم تقتل عواطفها ولم تغفر القتلة كما انها لم تنس اطلاقا ما حل بها وبعائلتها. وعشية الذكرى الثامنة لسجنها وبعد تحملها شتى المصائب والمضايقات الجسدية والنفسية في السجن وكذلك محنة حرمانه عن اللقاء مع أولادها قامت بمبادرة غير مسبوقة وجريئة في 16 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ورفعت مقاضاة لدماء شقيقتها وأشقاءها الشهداء، حيث دخلت في نضال بطولي بوجه غول الولي الفقيه وعناصره الحكومية جميعا.
وكتبت هذا المرأة الباسلة في شكواها:
حكاية ما جرى عليّ وعلى عائلتي في عدة عقود؛
4 إعدامات وسجينان وجميع معاناة عائلتي؛...
لاتتحمل الحكومات الإستبدادية والشمولية أي عنصر ينمو وأي شيء يبادر إلى أذهان الناس التعاطف معه. وفي هذه الحكومات يعتبر التعذيب الجسدي والنفسي من أهم أدوات القمع بحيث لا يتوقع المراقبون ان يتمكن المتهمون من الدفاع عن أنفسهم بحرية في المحاكم, ناهيك عن انه اذا كان ممكنا ان يكون هناك محكمة نزيهة، كما ان هناك محاكم غير علانية تضغط على المتهمين بغية انتزاع إعترافات قسرية منهم أو تصدر الحكم على المحامين بسبب الدفاع عن موكليهم.
وأعدم العديد منهم في عام 1988 بينهم شقيقتي وشقيقي اللذان سبق وأن صدر حكم عليهما بالسجن من خلال محاكم اصدرت احكاما دون سير الاعمال القضائية الضرورية حيث استغرقت المحاكم بضع دقائق في بعض الأحيان. وكانت التهمة منسوبة إلى غالبيتهم توزيع صحيفة ”مجاهد“ أو قرائتها أو المشاركة في مظاهرات.
أعدم 3 من أشقائي وشقيقتي في الثمانينات بالسجن.أعتقل أصغر شقيقي«عبدالرضا اكبري منفرد» في عام 1980 بتهمة توزيع صحيفة «مجاهد» آنذاك كان عمره فقط 17عاما وطالب مدرسي. وقضى 3 سنوات تماما في زنزانات انفرادية بسجن جوهردشت ورغم أن محكمة الثورة في طهران أصدرت حكما عليه بالحبس لمدة 3 سنوات الا انه قبع في السجن لحد عام 1988 وفي نهاية المطاف استشهد مع عدد كثير من السجناء في شهر تموز/يوليو في نفس العام...
يأتي ذلك بينما خاطب السيد منتظري أعضاء لجنه الموت من خلال تسجيله الصوتي المنشور بشأن مجزرة السجناء عام 1988 معترفا يقول: «ان خميني وبإعدامات عام 1988 وضع القانون والقضاء وشرعية النظام كله تحت علامة الإستفهام، تلك المجزرة التي وصفها بـ ”أكبر جريمة في التأريخ“ وقال لمسؤولي الجريمة بانه سوف تدخل أسمائكم في التاريخ كمجرمين»...
واشارت السيدة مريم اكبري منفرد في مقاضاتها إلى إعتقال وإعدام شقيقها علي رضا وإعتقال والدتها وشقيقتها وكذلك إعتقال شقيقها الآخر الذي استشهد عام 1985 تحت التعذيب كما اشارت إلى إعدام شقيقتها في عام 1988 ووفاة والدتها ووالدها الثكلى وقالت:
انني عانيت معاناة كثيرة طيلة هذه السنوات. الا انه مازال شقيقتي وأشقائي الذين ضحوا بارواحهم يعتبرون ايقونات للحب و الأمل في حياتي وتعلمت منهم كيفية تحمل المعاناة والصعوبات.
وفي ختام شكواها كتبت السيدة مريم اكبري منفرد : اني أريد ما يلي:
1.متابعة و محاكمة العناصرالمعنية بالإعدامات في الثمانينات وإبادة السجناء جماعيا عام 1988.
2.إعلان أسماء المدفونين في مقابر جماعية ومقبرة «خاوران»
3. تقديم ونشر لائحة الاتهامات للمحكومين والمعدومين في الثمانينات من القرن الماضي
وتعتبر الشكوى المقدمة من قبل السيدة مريم اكبري منفرد وثيقة تاريخية مسجلة في حركة المقاضاة لمجزرة عام 1988 حيث دعمه كثيرون من السجناء السياسيين وعوائل الشهداء وطلاب الجامعات والشباب في مختلف المدن الإيرانية و...
وجعلت السيدة مريم اكبري منفرد وبهذه الشكوى التأريخية، الرأي العام والمجتمع الإنساني، مصدرا للبحث عن الإجابة. ويعتبر السؤال الذي اطلقته هذه السجينة السياسية الشجاعة، سؤالا لملايين من أبناء الشعب الإيراني الذين ضاقوا ذرعا حيث يسألون لماذا تم إعدام الآلاف؟ أين مقابرهم؟ ولماذا تم منع عوائلهم من إقامة حفل تأبيني لهم؟
وعلى أولئك الذين اصدروا أحكاما بحق هؤلاء الضحايا ومسؤولي ماكنة الإعدام ان يجيبوا على هذه الأسئلة.
ورسمت السيدة مريم أكبري منفرد وبكتابة شكاواها من داخل معتقل التعذيب العائد إلى عصور الظلام للولي الفقيه الحاكم في إيران مبادرة جديدة في نظام المقاضاة الدولي وتقول للعالم عليهم ان يصبحوا صوت المظلوم اينما كانوا وفي أي وقت وأي منصب وعليهم القيام بمقاضاة من أجل السجناء والشهداء في المجزرة وإسقاط الديكتاتور... نعم من لا يخاف من الموت فهو قادر على إسقاط الديكتاتور.

No comments:

Post a Comment

في إيران لا يوجد لدينا سجين سياسي؟!

في إيران لا يوجد لدينا سجين سياسي؟! بقلم: المحامي عبد المجيد محمد  كاتب حقوقي وخبير في الشؤون الإيرانية  @MajeedAbl نظام الشاه ...